المنيا وعبقرية الطب:

المنيا وعبقرية الطب:
المؤلف Minya Digital Platform
تاريخ النشر
آخر تحديث
زينة طبية

المنيا وعبقرية الطب: من حضارات الأمس إلى عظماء اليوم

من قلب صعيد مصر، حيث يتعانق عبق الحضارة مع نبض الأرض، سطعت المنيا عبر العصور كمنارة علم ومعرفة، وبرزت كمهدٍ للعقول النابغة التي تركت أثرًا خالدًا في مسيرة الطب المصري والعالمي. فمنذ عهد المصريين القدماء، حيث كانت تونا الجبل والأشمونين مراكز لفنون التحنيط والعلاج بالأعشاب، عرفت هذه الأرض قيمة الحياة والعلم، واستمر أبناؤها في حمل شعلة الطب جيلاً بعد جيل.

في العصر الحديث، أنجبت المنيا قامات طبية لامعة حفرت أسماءها في الذاكرة الطبية لمصر.

يظل اسم السير مجدي يعقوب، أحد أبرز الأسماء التي خرجت من المنيا إلى العالمية، في زمننا المعاصر رمزًا خالدًا لعبقرية الطب المصري. تعود جذوره إلى مدينة أبوقرقاص، حيث نشأ في أسرة طبية غرست فيه حب الطب والإنسانية. وُلد عام 1935، وهاجر إلى بريطانيا ليصنع تاريخًا طبيًا مبهرًا في جراحة القلب، ويُصبح أحد رواد زراعة القلب في العالم. حصل على أرفع الأوسمة الملكية، وأسس مركز القلب بأسوان ليعيد الأمل لمرضى الصعيد، ويؤكد أن الانتماء الحقيقي لا تمحوه المسافات. ظلّ مجدي يعقوب وفيًا لجذوره، وجعل من الطب رسالة نبيلة تُمارس من القلب، ولأجل القلب.

مجدي يعقوب

من حضارات الأمس التي آمنت بأن الطب سر الخلود، إلى عظماء اليوم الذين أعادوا صياغة الحياة بالعلم والرحمة، تثبت المنيا دائمًا أنها لم تكن مجرد مدينة، بل وطن للعبقرية، وملاذٌ للإنسانية، وراعيةٌ للعلم الذي يشفي ويُضيء الطريق.

يمثل الدكتور ماركو يوسف وليم ذكي نموذجًا مشرفًا للعالِم المصري الوطني، الذي لم يكتفِ بتحقيق إنجاز علمي عالمي، بل حرص على أن يكون لنجاحه صدى ملموس في مجتمعه المحلي. فهو أول مصري يحصل على جائزة نيوتن العلمية الدولية لعام 2020/2021، تقديرًا لاكتشافه الجين المسؤول عن سرطان الكبد، وهو إنجاز علمي يُعد اختراقًا كبيرًا في مجال الطب الحيوي. وقد نال هذا الاكتشاف تقديرًا واسعًا داخل مصر وخارجها، وتوّج بتكريمه من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته لمحافظة المنيا، في لفتة تُبرز اهتمام الدولة بالكفاءات العلمية من أبناء الصعيد، وتحديدًا من محافظة المنيا.

وفي خطوة وطنية وإنسانية تعكس نُبل الانتماء، خصص الدكتور ماركو نصف قيمة الجائزة، التي تبلغ 200 ألف جنيه إسترليني، لإنشاء معمل البيولوجيا الجزيئية بكلية الصيدلة بجامعة المنيا، في مبادرة تهدف إلى دعم البحث العلمي وتوفير بيئة علمية متطورة للطلاب والباحثين. أما النصف الآخر من الجائزة فاستثمره في استكمال دراسته وتطوير مسيرته البحثية. بهذه الروح، يُجسد الدكتور ماركو قدوة حقيقية ومُلهمة لأبناء محافظة المنيا، إذ جمع بين التفوق العلمي والوفاء لجامعته ومجتمعه، مثبتًا أن العلم والوطنية يمكن أن يسيرا جنبًا إلى جنب.

ماركو يوسف وليم تكريم ماركو
زينة طبية سفلية