نفرتيتي

نفرتيتي
المؤلف Minya Digital Platform
تاريخ النشر
آخر تحديث

في أوائل القرن العشرين، عُثر على اكتشاف أثري فريد من نوعه: تمثال نصفي منحوت يمثل رأس إحدى الملكات. هذا الاكتشاف كان بمثابة صدمة إيجابية للمستكشفين الألمان، الذين لم يتوقعوا العثور على تحفة فنية بهذا الجمال والإتقان، كانت مدفونة في الرمال لقرون طويلة.

أثار وجود هذا التمثال في منطقة نائية بوسط مصر، والتي تبعد مئات الأميال عن العاصمتين القديمتين "منف" و"طيبة"، دهشة كبيرة. ولكن، هذا اللغز سرعان ما تم حله بفضل اكتشافات سابقة. فقبل هذا الاكتشاف بأكثر من عقد، كان "السير فلندرز بيتري" قد عثر على أطلال مدينة واسعة في نفس المنطقة، وهي مدينة "العمارنة"، التي كانت جدرانها مزينة بالنقوش والزخارف، ولكنها تعرضت للتدمير الكامل.

وقد تبين أن هذه المدينة قد شيدها الفرعون أخناتون وزوجته الملكة نفرتيتي. وعلى الرغم من وجود مئات الصور والنقوش التي تجسد هذه الملكة، فإن التمثال النادر لرأسها قدم وصفاً فنياً لشخصيتها وجمالها لم تتمكن الكلمات من وصفه بدقة. وهكذا، أصبح هذا التمثال دليلاً ملموساً على أن الزوجين الملكيين قد أمرا ببناء هذه المدينة لتكون عاصمة جديدة لهما، بعيداً عن العاصمتين التقليديتين.

لقد كانت هذه المدينة مركزاً لثورة دينية وفنية كبرى، حيث خصصت لعبادة الإله الواحد آتون، المتمثل في قرص الشمس. فقد رفض أخناتون ونفرتيتي فكرة تعدد الآلهة ومنعا عبادة مئات الآلهة التقليدية، التي كانت معروفة في مصر قبل عهدهما.

صورة

يُعرض هذا التمثال الرائع حالياً في المتحف المصري ببرلين، ويستقبل مئات الآلاف من الزوار سنوياً. كثيرون منهم يقفون أمامه في حالة من الانبهار، يجدون أنفسهم منجذبين إليه وكأنه يمارس عليهم سحراً خاصاً. إنهم يستمتعون بلقاء هذه الملكة الجميلة وجهاً لوجه، ويشعرون وكأنهم فقدوا القدرة على الحركة، متمنين ألا ينتهي هذا اللقاء.

كثير من الزوار يعودون لمشاهدته مراراً وتكراراً، وفي كل مرة يختبرون نفس الشعور بالانبهار، وكأنهم لا يصدقون أن هذا الإبداع الفني القديم يمتلك جاذبية لا تقاوم.

إن هذا التمثال يُعتبر من الأعمال الفنية الاستثنائية التي تجمع عناصر جمالية وتأثيراً فنياً لا مثيل لهما. التوازن الدقيق في التصميم، والتأثير البصري الذي ينبثق من كل زاوية، والجمال الأنثوي الوقور الذي يظهر في ملامح الملكة، كلها عوامل تجعل من هذا التمثال عملاً فنياً "معبراً" و"ناطقا" يكاد يوحي بأن الملكة ما زالت حية، وعلى وشك أن تتحرك أو تلتفت.