دور المنيا في التصدي للحملة الفرنسية
أرسلت فرنسا حملة إلى مصر بقيادة الجنرال نابليون بونابرت على الولايات العثمانية: مصر والشام (۱۷۹۸ ۱۸۰۱م) بهدف الدفاع عن المصالح الفرنسية، ومنع إنجلترا من القدرة على الوصول للهند، حيث كانت مصر في هذا التوقيت تحت الحكم العثماني، وبعد أن استطاع بونابرت احتلال الاسكندرية والقاهرة، بدأ في الاستعداد لمهاجمة فلول المماليك الذين هربوا إلى الصعيد بقيادة مراد بك.
ثورة المنيا ٢٣ - ٢٥ أبريل ١٧٩٩ م
وجه بونابرت بعض قادته لمتابعة فلول المماليك في الصعيد لإحكام قبضتهم على مصر بالكامل، وقام بتعين الجنرال ديتريس كقائدا للحامية الفرنسية في المنيا، لتنشب ثورة عارمة في المنيا امتدت لمدة ثلاثة أيام متتالية احتشد في يوم ۲۳ ابريل ۱۷۹۹ ما يقرب من ٣٠٠ إلى ٤٠٠ من أهالي المنيا، ومثلهم من عرب الحجاز في قرية طهنشاء للاستعداد للهجوم على الحامية الفرنسية بالمنيا، بل أرسل قائدهم رسالة إلى شيخ بلد المنيا معاونتهم على طرد ديتريس ومن معه من الجنود الفرنسين.
لما علم ديتريس توجه ومعه ۲۹۹ جندي وثلاث مدافع والتقى بالثائرين بالقرب من قرية تلة لتستمر المعركة بين الطرفين لمدة أربع ساعات، وأثناء المعركة تدخل مجموعة من المماليك، مما جعل ديتريس يقوم بالإنسحاب إلى المنيا والتحصن بها.
بالفعل أحالت بوابات المنيا من اقتحام الثائرين لها، مما جعلهم يعودوا إلى قرية تلة، ليستعد الطرفان لمعركة أخرى في اليوم التالي.
واستعد ديتريس في يوم ٢٤ أبريل لمواجهة الثائرين بعد زيادة عددهم لانضمام العربان والمماليك وعرب الحجاز لهم، لتدور معركة جديدة بين الطرفين تستمر لمدة ساعتين، مما أجبر الفرنسين على الانسحاب إلى داخل المدينة نتيجة نجاح الثوار في الضغط على الجنود الفرنسين، لتدور حرب شوارع داخل المدينة، ولكن في هذه المرة إستطاع ديتريس وجنوده من إعادة السيطرة على شوارع المنيا الرئيسية وطرد الثوار منها بعد تكبيدهم خسائر فادحة.
وفي اليوم الأخير لهذه الثورة الموافق ٢٥ أبريل والذي شهد انضمام ٤٠٠ فارس من العرب والمماليك، وعلى الرغم من لك كان وصول الجنرال دافو سببا رئيسًا في هزيمة الثوار وعودة الهدوء لتفشل تلك الثورة. ويمكن حصر عدد القتلي على حد تقدير ديتريس بحوالي ٦٠ قتيل من بينهم عشرة من المماليك، وما يزيد عن ١٥٠ جريحًا. أما خسائر الفرنسين بلغت بعشرة جنود قتلي إلى جانب ۲۷ من الجرحي.
إن الدروس المستفادة لمعرفة أسباب فشل هذه الثورة في مواجهة الفرنسين، وقلة الوعي لدى المواطنين في هذه التوقيت فوقف أغلب السكان موقفا سلبيًا ربما لاعتمادهم على المماليك لمواجهة أعداء مصر.
حتى هذا التوقيت لم يكن للمصريين وجود داخل جيوش السلطة الحاكمة سواء: مماليك أو عثمانين. الغريب في الأمر أن ديتريس كافا أهل المنيا بإنقاص الإتاوات المفروضة عليهم بمقدار الثلث. أما القرى التي شاركت في الثورة تم تحميلها فرق هذه الثلث.
كفاح المنيا ضد الإحتلال الإنجليزي
قامت بريطانيا باحتلال مصر عام ۱۸۸۲ بعد هزيمة الجيش المصري بقيادة أحمد عرابي، لتدخل مصر في مرحلة لنهب ثرواتها، وصولا إلى الحرب العالمية الأولى التي بدأت ١٩١٤ لتعلن بريطانيا الحماية على مصر، وتصاعدت المقاومة الشعبية والحركة الوطنية ضد الاحتلال بعد نهاية الحرب العالمية ۱۹۱۸، وظهر الشعور الوطني بقوة للمطالبة بالاستقلال، وكان للزعيم الوطني سعد زغلول دورا رئيسا فذلك تقوم السلطات البريطانية بنفيه، لتشتعل أحداث الثورة في ۹ مارس ۱۹۱۹، وتمتد إلى عدد من المحافظات، وكان من بينها محافظة المنيا.
إن ثورة ۱۹۱۹ كانت مثالا على تلاحم كل طبقات الشعب الأغنياء والفقراء، والمسلمين والأقباط المتعلمين والبسطاء، أهل الريف وأهل المدن.
كان نقطة إنطلاق الثورة في محافظة المنيا بمركز دير مواس، ضد الاحتلال الانجليزي آنذاك، بقيادة الدكتور "خليل أبو زيد، فقد عاد الدكتور خليل أبو زيد من لندن، بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في الزراعة من جامعة أكسفورد بلندن، وبدأ يلتقي مع الأهالي في قصر والده العمدة أبو زيد علي، الذي اطلق عليه فيما بعد بقصر الثورة، وكان الهدف من هذه اللقاءات حشد الأهالي وتوجيههم بالعمل الوطني، ورفض للاحتلال.
وعندما نشبت الثورة بعد نفي الزعيم سعد زغلول جاءت الفرصة للشهيد البطل خليل أبو زيد للمشاركة بدور فاعل في هذه الثورة،فعندما تلقى خبرا من أحد رجال الشرطة الوطنيين، الذين كانوا يساندون الثوار، وهو مأمور مركز ديروط وديرمواس في ذلك الوقت بان هناك قطارًا يحملضباطاً وجنودًا إنجليز قادمين من الأقصر إلى القاهرة، فقرر خليل وزملاؤه من قادة الثورة أن يتوجهوا في مسيرة حاشدة تضم آلاف المواطنين لإيقاف قطار الإنجليز، وإلقاء كلمة تدعو إلى الحرية والاستقلال والجلاء عن مصر أمام قوات الاحتلال، وتأييد الشعب لزعيم الأمة سعد زغلول الذي كان اعتقل يوم ٨ مارس.
تم بالفعل إيقاف القطار وبدأت أحداث الملحمة عندما تحدث أحد الضباط الإنجليز مستنكرًا على المصريين بالقيام بالثورة ضد الوجود البريطاني، قالا لهم: "أنتم عبيد لا يمكن لكم أن تتظاهروا"، وأطلق الطلقات النارية تجاه الثوار، الذين قاموا بالهجوم عليه والقضاء على جميع ركابه من جنود الاحتلال وعلى رأسهم القائمقام بوب مفتش السجون الذي كان من أهم القادة الإنجليز في ذلك الوقت، الملقب بالسفاح، لأنه كان يعذب الوطنيين بكل أساليب العنف بلا رحمة داخل السجون.
نتيجة لذلك قام الإنجليز ردا على مقتل الجنود الإنجليز محاكمات جائرة وإعدام ما يقرب من ٣٤ من الثوار من بينهم البطل الشهيد الدكتور خليل أبو زيد وحبس ۲۰ آخرين وتوقيع غرامات مشددة عليهم.
لتنتقل شرارة الثورة إلى ملوى حيث تجمع الأهالي بسرعة وقطعوا خط السكة الحديدة على قطار الإنجليز الذي يحمل جثث الجنود الإنجليز، الأمر الذي مثل تحديًا جديدًا أمام المحتل. وثار في أبو قرقاص المواطنين بقيادة البطل الأستاذ محمد أنيس ناظر المدرسة الإبتدائية، فقام الأنجليز بالقبض على الثوار ومحاكمتهم محاكمات جائرة.
كفاح المنيا ضد الاحتلال الإنجليزي وثورة 23 يوليو
كان أهالي مدينة المنيا في الوقت نفسه احتشدوا بقيادة الشيخ محمود عبد الرازق لعقد مؤتمرًا جماهريا حاشدًا في ميدان بالاس، وإعلان اعتصام ضد الإحتلال الإنجليزي، ليقوم الجيش الإنجليزي بعملية إنزال بحري من سفينة راسية على النيل أمام مدينة المنيا، مهاجمين الثوار والمعتصمين، والقبض على قادة الثورة وسجنهم.
على الرغم من ذلك امتدت الثورة إلى مطاي والذي كان لسكانها دورًا مهما في قطع إمدادات الجيش البريطاني لإخماد الثورة في جنوب المنيا، فقام ثوارها بقطع السكة الحديد، رغم تحذيرات الإنجليز لهم بإحراق قراهم حالة مشاركتهم في الثورة. ولكن الحث الوطني كان هو الغالب وقام الأهالي بتوزيع المنشورات لبث روح المقاومة وحثهم على المشاركة في الثورة على المحتل.
عندما علم أهلي بني مزار بوجود باخرتين إنجليزيتين محملتين بالجنود والإمدادت لإخماد الثورة، تجمع سكان بني مزار متجهين إليهما بقيادة مأمور مركز بني مزار لمهجمتهما.
في الوقت نفسه قام القاضي الشرعي ببني مزار بالذهب إلى مغاغة لحث مواطنيها وخطب فيهم للثورة ضد الإنجليز، ورفضهم للاحتلال وممارسته الجائرة.
وإذا عقدنا مقارنة بين ثورة أهالي المنيا ۱۷۹۹ و ثورة ۱۹۱۹ سنجد أن زيادة الوعي والشعور بالوطن، كان عنصرًا حاسما في الصدى الكبير الذي حققته ملحمة ۱۸ مارس ۱۹۱۹، مما استحق بحق أن يكون العيد القومي المحافظة المنيا.
قامت ثورة ٢٣ يوليو ۱۹۵۲ ضد الاستعمار والحكم الملكي الجائر بقيادة الضباط الأحرار، ونادت بمبادئ القضاء على الاستعمار والاقطاع وبناء جيش وطني، مما أكسبها تأييد شعبي جارف من ملايين الفلاحين وطبقات الشعب العاملة الذين كانوا يعيشون حياة تتسم بالمرارة والمعاناة.
كان من بين أهم مبادئ الثورة التي أثرت على السواد الأعظم للمصرين هو القضاء على الإقطاع وذلك بصدور قانون الإصلاح الزراعي، وكانت المنيا من بين المحافظات التي استفادت بتوزيع الأراضي عليهم من الإقطاعين الكبار الذين تحكموا في أغلب الأراضي، وكان على رأسهم عدلي الملوم الذي رفض هذا القرار، إلا انه وجه بكل حزم وقوة لتنفيذ إرادة الثورة والانتصار للصغار المزارعين في المنيا.
ا
كانت المنيا محط اهتمام قيادات الثورة وعلى رأسهم القائد الخالد جمال عبد الناصر، والذي قام بزيارتها ومع عدد من الضباط الأحرار، حيث زار قرية أسطال وهي مسقط رأس المشير عبد الحكيم عامر والذي جمعتهما علاقة صداقة وطيدة، وخطب جمال عبد الناصر في مواطنيها معبرًا عن اعتزازه بالمنيا وأهلها، مقدمًا لأهلها عقود تمليك للأراضي، وعبر لهم أنها ليست عقود ملكية ولكنها عقود تحرير من عبودية الإقطاع الظالم.
وتستمر المنيا في تقديم أروع صور الكفاح لدعم الدولة المصرية، لتنال بدورها اهتمامًا رئاسيا مميز، ففي عهد الجمهورية الجديدة قام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة مدينتي ملوي والمنيا الجديدة لافتتاح العديد من المشروعات التنموية ضمن مبادرة حياة كريمة، مشيرًا لأهمية المنيا في بناء الجمهورية الجديدة، فتساهم المنيا بنصيب وافر في مشروع المليون ونصف فدان، بالإضافة لدورها التنموي في العديد من المجالات الزراعية والصناعية والتعدينية.
مرحباً بكم، ستغمرني السعادة بأن أكون مرشدتكم السياحية في جولة حول محافظة المنيا، الواحدة من أجمل محافظات مصر العظيمة، التي تزخر بكنوز تاريخية وطبيعية لا تضاهى. تقع المنيا في قلب مصر العليا، وتتميز بتنوعها الفريد بين الآثار الفرعونية، والمعالم القبطية، والمساجد التاريخية، بالإضافة إلى طبيعتها الساحرة التي تأسر القلوب.
هأقدملكم في التطبيق دة معلومات حية بالصوت والصورة شاملة ومفصلة عن محافظة المنيا، لمساعدة المرشدين السياحيين والزوار على استكشاف أهم المعالم السياحية والتاريخية واستكشاف جمالها وسحرها، وأفضل الأماكن للإقامة والطعام والترفيه، ونصائح مفيدة لجعل زيارتكم للمنيا تجربة لا تُنسى.
في المنيا، ستجدون مزيجاً رائعاً من التاريخ، والثقافة، والجمال الطبيعي، لذا أُطلق عليها عروس الصعيد.
أشجع جميع المصريين والإخوة العرب الأفاضل والشعوب في كل مكان على زيارة واستكشاف محافظة المنيا بكل تفاصيلها وجمالها.
